الحكومة الللبنانية بين التكليف و التأليف



   المهندس نادر حسان صفا
وقع اللبنانيون ضحية الصراع القائم بين الاقطاب السياسية في لبنان بعيد تكليف سعد الحريري تشكيل حكومة انقاذية للبلاد ، الامر الذي قد يولد لديهم املاً بان الفرج اصبح قريباً وان الخروج من القاع اصبح محسوما . فبينما كانت بعض الاقطاب تسعى لانقاذ البلد ،عملت بالمقابل اقطاب اخرى على عرقلة سبل الحلول من اجل الحفاظ على مصالحها الشخصية بالوزارات و المواقع الرئيسية في لبنان
لطالما كانت الكيديات السياسية التي اوجدها النظام الطائفي و المذهبي العائق الاول و الاقوى في رحلة انقاذ الوطن. وعلى الرغم من اتفاق الآراء على ان لبنان اصبح في الهاوية ، لم نشهد سوى بعض الاقطاب السياسية تقوم بخطوة المبادرة في رحلة انقاذ الوطن من اجل اعادة الاستقرار الاقتصادي و المالي فيه.
وكعادته يسعى دولة الرئيس نبيه بري اليوم في توحيد جميع الاقطاب لاعادة الاستقرار في لبنان و لكن هناك دائما من يخرج من جحره ليعرقل مسار الحوار متذرعاً بحجج ومطالب يستطيع من خلالها ان يضمن وجوده في المراكز الاساسية في الدولة.



لقد بات مؤكداً ان لا تشكيل للحكومة قبل ٢٠ كانون الثاني و هو موعد خروج ترامب من البيت الابيض، و هذا بالتأكيد ليس من باب النكد السياسي او النزاعات المذهبية. وليس من الضرورة ايضا ان يكون موعد خروج ترامب من البيت الابيض المفتاح الاساسي في تشكيل الحكومة فقد نواجه بعض الظروف المعقدة على الساحة اللبنانية التي تنبع من مبدأ الخصومة بين الاقطاب السياسية الى جانب
الظروف الاقليمية و ما يشهده الشرق الاوسط اليوم من تغيير في المعادلات و اوجه الهيمنة عليه. هناك بعدان لتشكيل الحكومة اليوم ، بعد خارجي و بعد داخلي و لا يمكن فصل هذين البعدين في رحلة التشكيل. فتكليف سعد الحريري اتى عبر وعود خارجية مرتبطة مباشرةً بترسيم الحدود البحرية بين لبنان و الكيان الاسرائيلي، الامر الذي تطلب الادارة الاميركية الاسراع فيه لتحديد وجه الحكومة المقبلة في لبنان و تحديد الاقطاب التي ستشارك فيها و هذا ما دفع سعد الحريري لإعطاء وعود للثنائي الشيعي بان وزارة المالية و الاشغال ستكون من حصتهم.
اذن تشكيل الحكومة اليوم لن يكون بالامر السهل و المسار سيكون شاقا اذ سيرتبط هذا التشكيل بعوامل و ظروف داخلية و خارجية صعبة اولها ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الاسرائيلي. ومن باب المثال العقوبات الاميركية المفاجئة التي طالت سياسيين معادين وموالين للادارة الاميركية، الامر الذي احدث صدمة في الساحة اللبنانية.
ومن هنا نجد ان لبنان حاليا يقع في صراع قائم بين ثلاثة محاور، المحور اميركي بعمقه الخليجي و المحور الايراني بطبيعته المقاومة  و المحور   الفرنسي الطامع بالهيمنة من جديد على لبنان و الثروة الموجودة في بحره .ويبقى لبنان ساحة نزاع دول كبرى لديها المفتاح لحل الأزمة اللبنانية .فلبنان يشهد شد حبال من كل الاطراف للتمسك الكامل بالمعادلة اللبنانية :ضمانة و حماية مصالح و امن الكيان الاسرائيلي من جهة و حماية محور المقاومة من جهة اخرى الى جانب وجود
طرف ثالث يسعى لحفظ مصالحه في لبنان و ضمانة ملف الغاز بحوزته لكسب مردود مادي ضخم لبلده.

Share this

Related Posts

Previous
Next Post »