برّي يستعجل التشكيل هذا الأسبوع ويحذر من رهانات خاطئة


 

كتبت صحيفة " الشرق الأوسط " تقول : حذّر رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري من التداعيات السلبية المترتبة على ‏ترحيل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية ‏الأميركية، ورأى أن "لا مبرر لهذا التأجيل ما دام أن نتائج الانتخابات لن تقدّم أو ‏تؤخّر، خصوصا أن وضعنا الداخلي المتأزّم لا يحتمل هدر الفرص وبات يتطلّب ‏توفير الحلول لوقف الانهيار المالي والاقتصادي ومنع البلد من أن يتدحرج نحو ‏الهاوية"، كما نقل عنه زواره لـ"الشرق الأوسط‎".


وأمل بري، بحسب زواره، بأن "تتوّج الأجواء الإيجابية السائدة بين رئيس ‏الجمهورية ميشال عون وبين الرئيس المكلف سعد الحريري بتشكيل الحكومة ‏في أسرع وقت، ولا مانع من أن ترى النور هذا الأسبوع، وبالتأكيد قبل موعد ‏إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية لأن الفرصة متاحة لإخراج البلد تدريجيا ‏من التأزّم، شرط أن تتضافر الجهود لتأمين الغطاء السياسي من دون أي تردد ‏يدفع باتجاه تسريع ولادتها‎".
وشهد ملف تشكيل الحكومة تقدماً، أمس، من غير الكشف عن تفاصيله، إثر لقاء ‏جمع الرئيس اللبناني ميشال عون بالرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد ‏الحريري، بعد ظهر أمس، في قصر بعبدا للمرة الثانية خلال 24 ساعة. وأشار ‏بيان رئاسة الجمهورية إلى "تقدم في ملف تشكيل الحكومة الجديدة‎".


ونقلت المصادر عن بري تشديده على "ضرورة خطف الفرصة واقتناصها اليوم ‏قبل الغد وتوظيفها على طريق الانتقال بالبلد من مرحلة التأزم إلى تبنّي خريطة ‏الطريق الفرنسية" التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون "لإنقاذ البلد ووقف ‏انهياره وتحضيره للتعافي من أزماته". واعتبر "أننا أمام مرحلة حاسمة بدءا من ‏هذا الأسبوع وعلينا ألا نفوّتها ونغرق في تحاليل لا فائدة منها سوى هدر الفرص ‏وتقطيع الوقت بدلا من تذليل العقبات التي يمكن أن تؤخر التشكيل‎".


ورأى رئيس البرلمان أن "هناك ضرورة للتعاون بين عون والحريري، ولم يعد ‏هناك من مجال للمساكنة أو المهادنة بينهما لأننا نمر بظروف استثنائية صعبة ‏تستدعي من الجميع التصرّف بمسؤولية وعدم الدخول في سجالات نحن في غنى ‏عنها أو الانجرار إلى مزايدات شعبوية". وأكد، بحسب زواره، أن "تكليف ‏الحريري تشكيل الحكومة الجديدة عامل إيجابي، وتعاونه مع عون سيؤدي حتما ‏إلى تذليل العقبات لأن المطلوب أن نقلّع شوكنا بيدنا وبيد مبادرة الإنقاذ ‏الفرنسية‎".


وسأل بري وكأنه يرد على من يربط تشكيل الحكومة بالانتخابات الرئاسية ‏الأميركية: "ماذا يفيدنا الانتظار في الوقت الذي يعاد فيه رسم الخرائط السياسية ‏في المنطقة التي ستؤدي إلى تبدّل التحالفات وتُنذر بتحوّلات على أكثر من ‏صعيد؟ وهل نبقى نتفرج على ما يدور من حولنا من دون أن نلتفت إلى ترتيب ‏بيتنا الداخلي كي لا نندم في حال لم نخرج من حالة التردد؟‎".


وقال إن كل هذه التحالفات الجديدة التي يُفترض أن تشهدها المنطقة "تحتّم علينا ‏اليوم قبل الغد أن نبادر إلى تحصين وضعنا الداخلي والاستعداد لمواجهة كل هذه ‏المتغيّرات التي تتسارع بتشكيل الحكومة ليكون في وسعنا تأمين شبكة أمان ‏سياسية توفّر الحماية لوحدتنا الداخلية لقطع الطريق على الانزلاق إلى متاهات ‏غير محسوبة أو الانجرار إلى رهانات خاطئة‎".


وكرر بري قوله إنه يأمل "أن يتصاعد الدخان الأبيض هذا الأسبوع" بالإعلان ‏عن تشكيل الحكومة بتفاهم عون - الحريري: "بعيدا عن المناورات والتسريبات ‏التي يُفترض أن تغيب كليا لمصلحة الوصول إلى تشكيلة محصنة بالمبادرة ‏الفرنسية وعدم تفويت معاودة الاهتمام الدولي بلبنان، خصوصا أن مجرد العودة ‏إلى الوراء سيزيد من تأزّم الوضع‎".


وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية مواكبة للأجواء الإيجابية التي سادت ‏الجولة الأولى من مشاورات التأليف بين عون والحريري والتي يُفترض أن ‏تتكثّف في اليومين المقبلين، إن "مقولة الربط بين ولادة الحكومة وبين ‏الانتخابات الرئاسية الأميركية مرفوضة بالشكل والمضمون". وأكدت لـ"الشرق ‏الأوسط" أنها لا تفهم الأسباب الكامنة وراء مثل هذا الربط "الذي يعني من ‏وجهة نظرنا أن مجرد التلازم بين إنجاز الاستحقاق الحكومي والاستحقاق ‏الأميركي لن يجدي نفعا وبات علينا عدم التفريط بالفرصة الدولية المواتية ‏للعبور بولادة الحكومة إلى بر الأمان‎".


وأيّدت المصادر ما تناقله زوار بري عنه بأن هذا الأسبوع سيكون حاسما، ‏وقالت إن "هناك ضرورة للتأسيس على الأجواء الإيجابية التي يعكسها ‏الحريري، ليس لإعادة بناء الثقة بينه وبين عون فحسب وإنما لاستعادة ثقة ‏اللبنانيين ببلدهم‎".


وسألت "ما الضمانة في حال تأجيل تشكيل الحكومة إلى ما بعد صدور نتائج ‏الانتخابات الرئاسية الأميركية؟ وهل ستحمل متغيرات ليست مرئية حتى الساعة ‏يمكن الإفادة منها لمعاودة تشغيل المحركات لتأليفها؟". وقالت إن "مجرد الربط ‏سيرتّب على البلد المزيد من الأكلاف السياسية والاقتصادية والمالية‎".


وتوقّفت أمام دخول واشنطن على خط الوساطة بين لبنان وإسرائيل لتسوية ‏الخلاف حول ترسيم الحدود البحرية، وقالت إن وساطتها "يجب أن تنسحب ‏إيجابيا على تشكيل الحكومة لأن ما يهمها الحفاظ على الاستقرار في لبنان ‏لحماية استمرار المفاوضات، وهذا لا يتأمّن إلا بإعادة انتظام المؤسسات ‏الدستورية بدءا بتشكيل الحكومة، لأن تمديد الفراغ يزيد من تأزّم الوضع ‏ويعرض لبنان إلى انتكاسات مصدرها الارتدادات المترتبة على إعادة رسم ‏الخرائط السياسية في المنطقة‎".


واعتبرت أن لتكليف الحريري بتشكيل الحكومة بغياب أي منافس له "أكثر من ‏معنى لجهة تمرير رسالة بوجود نية لإعادة تموضع لبنان دوليا والاستعداد ‏لتصحيح علاقاته بعدد من الدول العربية التي تراقب عملية تأليف الحكومة لتبني ‏على الشيء مقتضاه وصولا للتأكد بأن البلد يستعد للدخول في مرحلة جديدة غير ‏المراحل السابقة التي أقحمت لبنان باشتباكات مجانية مع المجتمع الدولي‎".


وترى المصادر أن لبنان يقف حاليا أمام "فرصة الإنقاذ الأخيرة"، وسط ‏تساؤلات عن إمكانية عودة الكيمياء السياسية بين عون والحريري إلى ما كانت ‏عليه فور إنجاز التسوية الرئاسية قبل سقوطها، وبالتالي ولادة الحكومة الأخيرة ‏في الثلث الأخير من الولاية الرئاسية‎.‎

Share this

Related Posts

Previous
Next Post »