اما المعطيات القليلة التي رشحت عن الاجتماع الذي عقد امس في بعبدا بين الرئيسين عون والحريري فأشارت الى ان هذا الاجتماع الثاني بينهما خلال 24 ساعة عكس الرغبة المشتركة في الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة كما عكس الإيجابية السائدة في بحثهما المشترك في تفاصيل الملف الحكومي . وعلم ان التقدم الذي اشارت اليه المعلومات الرسمية عن الاجتماع يمثل إشارة واضحة الى سعي مشترك من الرئيسين عون والحريري لحل العقد القائمة امام التشكيلة الحكومية المتصلة بعدد أعضاء الحكومة وتوزيع حقائبها ومعايير التوزير والمداورة في الحقائب السيادية والخدماتية الأساسية. ووفق المعلومات فان عون والحريري لا يريدان أي تشويش على سعيهما الحثيث الى تذليل العقبات امام عملية تأليف الحكومة وعلى شراكتهما في عملية التشكيل.
أسبوع مفصلي؟
وترصد الأوساط السياسية حركة الحريري في الساعات والأيام القليلة المقبلة مع مختلف القوى السياسية باعتبار ان الأسبوع الحالي سيشكل نقطة الانطلاق المحورية والأساسية لتكوين معالم الحكومة وتوفير الارضيّة السياسية لولادتها وسط معطيات لا تستبعد ولادة هذه المرة اسرع مما يظن كثيرون، والا فان المسار سيصطدم بمعوقات خطيرة في حال التأخر والمماطلة مجددا او افتعال العراقيل. وتحدثت معلومات مستقاة من جهات سياسية متابعة للمجريات الحكومية عن وضع عملية التأليف على نار حامية وسط معطيات لا تمنع ابدا توقع ولادة الحكومة قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية بمعنى ان انطلاق مسار التوافق اذا توافرت معالمه بالكامل لن يوقفه أي تطور خارجي بعد الان. ولكنها لفتت الى امكان ان يكون الرئيس الحريري قد بدأ يواجه من الرئيس عون باشتراطات ومطالب مغايرة لتصوراته الامر الذي يتعين مراقبته بدقة في الأيام المقبلة. وتقول هذه الجهات ان ثمة عناوين مهمة بات هناك اتجاها واضحا لدى القوى التي ايدت تكليف الحريري الى التسليم بحكومة اختصاصيين التي تعهد الحريري تأليفها بل وإضافة عبارة من ذوي الخبرات الى صفة الوزراء الاختصاصيين الذين لا ينتمون الى أحزاب. ولكن هذا الاتجاه يقابله اتجاه آخر الى التوافق بين القوى المعنية والحريري على مساهمة هذه القوى في تسمية واختيار الوزراء المتخصصين بما يحقق التوافق المتوازن بين هدف الحريري وتعهداته وحقوق القوى السياسية في المشاركة لتوفير الدعم السياسي للحكومة. وتشير هذه الجهات الى ان هناك اتجاها غالبا لاقناع الحريري بتأليف حكومة لا تقل عن عشرين وزيرا .
السفيرة الفرنسية
وسط هذه المناخات برز اول كلام للسفيرة الفرنسية الجديدة في لبنان آن غريو في اطلالة أولى لها منذ وصولها الى بيروت وبعد تعافيها من إصابة بكورونا وذلك في لقاء صحافي مصغر شاركت فيه "النهار" . واكدت السفيرة غريو ان "فرنسا ترحب بتكليف رئيس لتشكيل حكومة في لبنان وبمعزل عن الشخص الذي تم اختياره وتعتبر ان هذا التكليف يشكل بداية الدينامية ومؤشرا إيجابيا وعنصرا اول في مسار يجب استكماله". وأوضحت السفيرة الفرنسية ان "مطلبنا هو الإسراع في تأليف الحكومة لتبدأ على الفور بوضع خارطة الطريق الفرنسية موضع التنفيذ ". ولفتت الى انه " لا يهمنا شكل الحكومة بل ان يكون أعضاؤها أصحاب كفاءة ونزاهة واختصاص وقادرين على تنفيذ برنامج إصلاحات ". وقالت ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون "تواصل وتحدث مع الجميع وقال كل ما يجب قوله والرسالة وصلت الى الجميع وكل بات يعرف مسؤولياته ".
اما الموقف الداخلي الأبرز امس فتمثل في "وصايا" البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للرئيس المكلف سعد الحريري. وإذ رحب الراعي بتكليف الحريري دعاه الى " تخطي شروط الفئات السياسية وشروطهم المضادة وتجنب مستنقع المصالح والمحاصصة وشهية السياسيين والطائفيين". وخاطبه قائلا: "التزم فقط بنود الدستور والميثاق ومستلزمات الإنقاذ وقاعدة المداورة الشاملة في اختيار أصحاب الكفاءة والأهلية والولاء للوطن. وأحذر الاتفاقيات الثنائية السرية والوعود". كما لفت في موقفه قوله للحريري "لا تضع وراء ظهرك المسيحيين وتذكر ما كان يردد المغفور له والدك "البلد لا يمشي من دون المسيحيين".